responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 9
الصُّنْعِ مِنْهُ وَلَا يَرِدُ الْوُضُوءُ عَلَى الْوُضُوءِ، فَإِنَّهُ طَهَارَةٌ وَبِدُونِ الزَّوَالِ الْمَذْكُورِ بِاعْتِبَارِ إزَالَةِ الْآثَارِ الْحَاصِلَةِ؛ لِأَنَّ تَسْمِيَتَهُ طَهَارَةً مَجَازٌ وَالتَّعْرِيفُ لِلْحَقِيقَةِ وَعَرَّفَهَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ بِمَا يَدْخُلُهُ فَقَالَ إيصَالُ مُطَهِّرٍ إلَى مَحَلٍّ يَجِبُ تَطْهِيرُهُ أَوْ يُنْدَبُ، وَلَوْ عَبَّرَ بِالْوُصُولِ لَكَانَ أَوْلَى لِمَا ذَكَرْنَا فِي الْإِزَالَةِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ لُزُومِ الدَّوْرِ، وَهُوَ تَوَقُّفُ مُطَهِّرٍ عَلَى الطَّهَارَةِ، وَهِيَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ بَعْضُ التَّعْرِيفِ وَفِي الْبَدَائِعِ مَا يُفِيدُ أَنَّ تَعْرِيفَهَا بِالزَّوَالِ الْمَذْكُورِ تَوَسُّعٌ وَمَجَازٌ فَقَالَ الطَّهَارَةُ لُغَةً وَشَرْعًا هِيَ النَّظَافَةُ وَالتَّطْهِيرُ التَّنْظِيفُ، وَهُوَ إثْبَاتُ النَّظَافَةِ فِي الْمَحَلِّ، فَإِنَّهَا صِفَةٌ تَحْدُثُ سَاعَةً فَسَاعَةً، وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ حُدُوثُهَا بِوُجُودِ ضِدِّهَا، وَهُوَ الْقَذَرُ فَإِذَا أَزَالَ الْقَذَرَ أَيْ امْتَنَعَ حُدُوثُهُ بِإِزَالَةِ الْعَيْنِ الْقَذِرَةِ تَحْدُثُ النَّظَافَةُ فَكَانَ زَوَالُ الْقَذَرِ مِنْ بَابِ زَوَالِ الْمَانِعِ مِنْ حُدُوثِ الطَّهَارَةِ لَا أَنْ يَكُونَ طَهَارَةً، وَإِنَّمَا سُمِّيَ طَهَارَةً تَوَسُّعًا لِحُدُوثِ الطَّهَارَةِ عِنْدَ زَوَالِهِ اهـ.

وَأَمَّا سَبَبُ وُجُوبِهَا فَقِيلَ الْحَدَثُ وَالْخَبَثُ وَنَسَبَهُ الْأُصُولِيُّونَ إلَى أَهْلِ الطَّرْدِ قَالُوا لِلدَّوَرَانِ وُجُودًا وَعَدَمًا وَعَزَاهُ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ إلَيْهِمْ وَفِي الْخُلَاصَةِ أَنَّهُ أَخَذَ بِهِ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ فِي الْأَصْلِ وَيَبْعُدُ صِحَّتُهُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الدَّوَرَانَ وُجُودًا غَيْرُ مَوْجُودٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُوجَدُ الْحَدَثُ وَلَا يَجِبُ الْوُضُوءُ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَقَدْ يُدْفَعُ بِأَنَّهُ يَجِبُ بِهِ الْوُضُوءُ وُجُوبًا مُوَسَّعًا إلَى الْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ لِمَا نَقَلَهُ السِّرَاجُ الْوَهَّاجُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ عَنْ الْحَدَثِ بِالْإِجْمَاعِ وَهَكَذَا فِي الْغُسْلِ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ فِيهِ أَنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَحِينَئِذٍ لَمْ يَتَخَلَّفْ الدَّوَرَانُ وَرُدَّ أَيْضًا بِإِنَّهُمَا يُنْقِضَانِهَا فَكَيْفَ يُوجِبَانِهَا وَدَفَعَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَغَيْرِهِ بِأَنَّهُمَا يُنْقِضَانِ مَا كَانَ وَيُوجِبَانِ مَا سَيَكُونُ فَلَا مُنَافَاةَ.
وَأَجَابَ عَنْهُ الْعَلَّامَةُ السِّيرَامِيُّ بِأَنَّ الْحَدَثَ مُفْضٍ إلَى الْوُجُوبِ وَالْوُجُوبُ إلَى الْوُجُودِ وَالْمُفْضِي إلَى الْمُفْضِي إلَى الشَّيْءِ مُفْضٍ إلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ، فَالْحَدَثُ مُفْضٍ إلَى وُجُودِ الطَّهَارَةِ وَوُجُودُهَا مُفْضٍ إلَى زَوَالِ الْحَدَثِ، فَالْحَدَثُ مُفْضٍ إلَى زَوَالِ نَفْسِهِ اهـ.
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ
وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ السَّبَبِيَّةُ إنَّمَا تَثْبُتُ بِدَلِيلِ الْجَعْلِ لَا بِمُجَرَّدِ التَّجْوِيزِ، وَهُوَ مَفْقُودٌ اهـ.
وَقَدْ يُدْفَعُ بِأَنَّهُ مَوْجُودٌ لِمَا رَوَاهُ فِي الْكَشْفِ الْكَبِيرِ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا وُضُوءَ إلَّا عَنْ حَدَثٍ» وَحَرْفُ عَنْ يَدُلُّ عَلَى السَّبَبِيَّةِ كَقَوْلِهِ «أَدَّوْا عَمَّنْ تَمُونُونَ» ؛ وَلِذَا كَانَ الرَّأْسُ بِوَصْفِ الْمُؤْنَةِ وَالْوِلَايَةِ سَبَبًا لِوُجُوبِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ الدَّلِيلَ لَمَّا دَلَّ عَلَى عَدَمِ صَلَاحِيَّةِ الْحَدَثِ لِلسَّبَبِيَّةِ كَانَ دُخُولُ عَنْ عَلَى الْحَدَثِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ شَبِيهٌ بِالسَّبَبِ بِالنَّظَرِ إلَى التَّوَقُّفِ وَالتَّكَرُّرُ دَلِيلُ السَّبَبِيَّةِ عِنْدَ الصَّلَاحِيَّةِ، وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ، فَلَا تَدُلُّ وَقِيلَ سَبَبُهَا إقَامَةُ الصَّلَاةِ فَهُوَ، وَإِنْ صَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ فَقَدْ نَسَبَهُ فِي الْعِنَايَةِ إلَى أَهْلِ الظَّاهِرِ، وَصَرَّحَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ بِفَسَادِهِ لِصِحَّةِ الِاكْتِفَاءِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ لِصَلَوَاتٍ مَا دَامَ مُتَطَهِّرًا وَقَدْ يُدْفَعُ بِأَنَّ الْإِقَامَةَ سَبَبٌ بِشَرْطِ الْحَدَثِ، فَلَا يَلْزَمُ مَا ذَكَرَ خُصُوصًا أَنَّهُ ظَاهِرُ الْآيَةِ، وَقِيلَ سَبَبُهَا إرَادَةُ الصَّلَاةِ، وَهُوَ وَإِنْ صَحَّحَهُ فِي الْكَشْفِ وَغَيْرِهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ أَثِمَ، وَلَوْ لَمْ يُصَلِّ وَالْوَاقِعُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَقَدْ يُدْفَعُ بِمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي بَابِ الظِّهَارِ بِأَنَّهُ إذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الطَّهَارَةُ
فَإِذَا رَجَعَ وَتَرَكَ التَّنَفُّلَ سَقَطَتْ الطَّهَارَةُ؛ لِأَنَّ وُجُوبَهَا لِأَجْلِهَا وَفِي الْعِنَايَةِ سَبَبُهَا وُجُوبُ الصَّلَاةِ لَا وُجُودُهَا؛ لِأَنَّ وُجُودَهَا مَشْرُوطٌ بِهَا فَكَانَ مُتَأَخِّرًا عَنْهَا وَالْمُتَأَخِّرُ لَا يَكُونُ سَبَبًا لِلْمُتَقَدِّمِ اهـ.
يَعْنِي: الْأَصْلُ أَنْ يَكُونَ وُجُودُهَا هُوَ السَّبَبَ بِدَلِيلِ الْإِضَافَةِ نَحْوَ طَهَارَةِ الصَّلَاةِ، وَهِيَ عِنْدَهُمْ مِنْ أَمَارَةِ السَّبَبِيَّةِ لَكِنْ مَنَعَ مَانِعٌ مِنْ ذَلِكَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ تَجِبُ الطَّهَارَةُ لَكِنَّهُ وُجُوبٌ مُوَسَّعٌ كَوُجُوبِ الصَّلَاةِ فَإِذَا ضَاقَ الْوَقْتُ صَارَ الْوُجُوبُ فِيهِمَا مُضَيَّقًا وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى جَعْلِ سَبَبِهَا وُجُوبَ أَدَاءِ الصَّلَاةِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ أَصْلَ الْوُجُوبِ كَافٍ لِلسَّبَبِيَّةِ إلَّا أَنَّهُ مُشْكِلٌ لِعَدَمِ شُمُولِهِ سَبَبَ الطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ النَّافِلَةِ إذْ لَا وُجُوبَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: بِالزَّوَالِ وَالْمَذْكُورِ) أَيْ بِزَوَالِ الْحَدَثِ أَوْ الْخَبَثِ.

[سَبَبُ وُجُوب الطَّهَارَةُ]
(قَوْلُهُ: قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الصَّوَابَ إسْقَاطُ أَوْ إبْدَالٌ لَفْظَةِ قَبْلَ بِلَفْظَةِ بَعْدَ لِيُنَاسِبَ مَا بَعْدَهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَأَجَابَ عَنْهُ الْعَلَّامَةُ السِّيرَامِيُّ) أَيْ عَنْ دَفْعِ صَاحِبِ فَتْحِ الْقَدِيرِ فَهُوَ تَأْيِيدٌ لِلرَّدِّ السَّابِقِ وَحَاصِلُهُ لُزُومُ إفْضَاءِ الشَّيْءِ إلَى زَوَالِ نَفْسِهِ وَذَلِكَ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ: لِصَلَوَاتٍ مَا دَامَ مُتَطَهِّرًا) مَعَ أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِيه ذَلِكَ بَلْ كُلَّمَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ يَلْزَمُهُ الْوُضُوءُ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ تَجِبُ الطَّهَارَةُ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ عَلَاءُ الدِّينِ ابْنُ الْحَصْكَفِيِّ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ عَلَى تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ:.
وَاعْلَمْ أَنَّ أَثَرَ الْخِلَافِ يَظْهَرُ فِي نَحْوِ التَّعَالِيقِ نَحْوُ إنْ وَجَبَ عَلَيْك طَهَارَةٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ دُونَ الْإِثْمِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى عَدَمِهِ بِالتَّأْخِيرِ عَنْ الْحَدَثِ ذَكَرَهُ فِي التَّوْشِيحِ وَبِهِ انْدَفَعَ مَا فِي السِّرَاجِ مِنْ إثْبَاتِ الثَّمَرَةِ مِنْ جِهَةِ الْإِثْمِ بَلْ وُجُوبُهَا مُوَسَّعٌ بِدُخُولِ الْوَقْتِ كَالصَّلَاةِ فَإِذَا ضَاقَ الْوَقْتُ صَارَ الْوُجُوبُ فِيهِمَا مَضِيقًا هَذِهِ الْقَوْلَةُ قَدْ ضَرَبَ عَلَيْهَا الْمُؤَلِّفُ بِهَامِشِ الْبَحْرِ

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 9
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست